إذ من المعلوم بالبداهة الحسية أن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس، في ابتدائهم أو في إعادتهم، وهذا ما أشارت إليه آية (الروم) السابقة:

{وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}

ونلاحظ أن الاستدلال بخلق السماوات والأرض على قدرة الله تعالى على أن يحيي الموتى كثير في آيات القرآن المجيد:

فمنها قول الله تعالى في سورة (الأحقاف/46 مصحف/66 نزول) :

{أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .

ومنها قول الله تعالى في سورة (غافر/40 مصحف/60 نزول) :

{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَاكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ * وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَلاَ الْمُسِي?ءُ قَلِيلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ * إِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَلَاكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ}

فبعد إثبات أن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس نبه النص على أنه لا يصح التسوية بين الأعمى والبصير، ولا بين الذين آمنوا وعملوا الصالحات والمسيئين، إن حكمة خالق هذا الكون الكبير المتقن البديع تأبى هذه التسوية، وإذا كانت هذه التسوية مرفوضة فإن أمر الجزاء واقع لا محالة، وذلك يكون يوم القيامة، وإذ وصل النص إلى إبراز هذه الحقيقة قرر أن الساعة آتية لا ريب فيها.

أي: فخلق السماوات والأرض شاهد على إمكان إعادة خلق الإنسان بعد فناء جسده، والداعي لهذه الإعادة قانون الجزاء الحكيم.

* التوهم الثاني:

توهم أن خلق السماوات والأرض وخلق الأحياء قد أصاب الخالق بالإعياء تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015