لقد كان (جيمس) منسجماً مع المنطقية السليمة، ومع البحث عن سلامته وسعادته ومصيره، على فرض أنه لا توجد إثباتات كافية أو بينات علمية تبرهن على وجود الله أو عدم وجوده، فقد رأى أن الأخذ بجانب الإيمان أرجح، استجابة لنداء الفطرة من جهة، وطلباً للسلامة من جهة أخرى، وذلك لأن تعليق الحكم إلى الأبد في موضوع الاعتقاد بوجود الله جُلُّ ما فيه أنه قد يُجَنِّبُ الوقوع في الخطأ إذا لم يكن الإله موجوداًَ، لكنه يوقع في خسارة عظيمة (هي الشقاء الأبدي) فيما لو كان موجوداً، فهل يجازف العاقل بحياته وسعادته الأزلية دون مقابل، ولمجرد وقوف جامد حائر.

أما اختيار سبيل الإنكار والكفر بالله فإن (جيمس) يراه اختياراً متعنتاً لجانب لا دليل عليه مطلقاً، وليس فيه استجابة لنداء الفطرة، وفيه مخاطرة حمقاء توقع الإنسان في احتمالات خسارة كبرى وشقاء أبدي.

أما (العظم) فمنهجه السوفسطائي الديماغوجي اللامنطقي أن يبيح لنفسه أن يقول ما يشاء، دون ضابط عقلي أو علمي أو أخلاقي.

فالحقيقة الظاهرة يقول عنها دون مبالاة أو اكتراث: إنها غير موجودة.

والأوهام المفتراة يقول عنها بجزم وتأكيد: إنها حقائق ثابتة.

ومنهجه الجدلي أن يبيح لنفسه أن يغالط كما يشاء، وأن يزيف أي شيء يريد تزييفه، وأن يلبس أثواب الزور، فيرتدي أردية البحث العلمي، وكلامه مناقض للبحث العلمي، ويحمل شعار الأمانة الفكرية وأخلاق الاعتقاد، وهو في حرب ضروس ضد الأمانة الفكرية وأخلاق الاعتقاد وسائر الأخلاق والقيم.

انظر هذا المقطع الثاني من نقده لبحث (وليم جيمس) لترى ما حشر فيه من مغالطات، يقول في الصفحة (77) من كتابه:

"2- يقول جيمس في دفاعه عن نفسه: إن الإنسان الذي يعلق الحكم في موضوع وجود الله يرضخ بذلك إلى تخوفه من الوقوع في الخطأ والوهم، بينما كان الأحرى به أن يعتقد بوجوده تمشياً مع أمله في أن يكون اعتقاده صادقاً".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015