اعلم -وفقني الله وإياك لِمَا يحبه ويرضاه- أن الابتداع أشملُ من أن يكون منحصرًا في العبادات، بل هو عام، يشمل الابتداع في العبادات، والطرق، والآراء، والأفكار، وهذا مما اتفق عليه أهل السنة والجماعة، وذلك لعموم الأدلة الواردة في ذلك.
واختلف أهل العلم في دخول العادات في مجال الابتداع، وَرَجَّحَ المحققون عدم دخول ذلك إلا ((إِذَا قُصِدَ بِالْعَادَةِ مَا يُقْصَدُ بِالْعِبَادَةِ)) (?).
وما يُقال في العادة يُقال في الوسائل:
وحديث النفر الثلاثة الذين منعوا أنفسهم من بعض العادات -كالزواج، وأكل اللحم- من أظهر الأدلة على هذا وأقواها، وقد سبق أن أشرنا إلى هذا.
وكثير من الناس يظنون أن البدع المحرمة هي بدع العبادات دون بدع الأفكار والطرق؛ ولذلك تجد معظم أهل زماننا من المنتسبين إلى الزعامة والفكر من غير فقه ولا علم لا يُحْدِثُونَ بِدَعًا في العبادات، بل هم مُقَصِّرُونَ فيها، ولكنهم يُحْدِثُونَ بِدَعًا في الآراء، والطرق، والأفكار، مما هو أخطر من بدع العبادات؛ لأنها سبب انحراف الطوائف، والأمم، وضلالهم.