فإذا كانت الشدة، أو الهجر، أو الكلمة القاسية، تهدي المدعو، أو تردع المنصوح، فهي الحكمة ... وإلا فلا.

إذ المقصود في كل هذا مصلحة الدعوة، واتعاظ المنصوح، وهداية الضال، لا مجرد الهجر، أو الشدة، أو شفاء ما في الصدر، أو الانتقام للنفس.

ومن وجد شيئًا من الشدة في كلام السلف .. فلا يعني هذا أن له حكمًا مطلقًا في كل زمان ومكان، أو مع كل إنسان.

ولكن المسألة تُقَدَّرُ بقدرها، ويُراعى في ذلك ظروف المدعو، وأحواله، فكم من كلمة طيبة هَدَتْ فُجَّارًا، وكم من هجر خاطئ أضل أبرارًا.

ولا تُصْغِ لمن يقول: ((ليس علي من ذلك شيء .. المهم أني أهجر .. ))؛ لأنه لم يدرك غاية الهجر، ولا حكمة العمل به.

وعلى هذا؛ فإن محاربة البدع وأهلها شيء .. والحكمة والرفق بهم شيء آخر [وهذا الفرق] لا يدركه كثير من حدثاء الأسنان، فيخلطون الأوراق، ولا يميزون (?).

وللمسألة تفصيل ليس ههنا محله.

والخلاصة:

إن الرفق وحسن الخلق لا يتنافى مع معاداة البدع وأهلها، بل الواجب جمع الاثنين معًا، وسوء الخلق والفظاظة من وسوسة الشيطان ونزغه، حيث يظن المرء أنه يحارب البدع، في الوقت الذي يَضِلُّ في طريقة محاربتها.

وللمسألة تفصيل في كتابنا: ((الهجر بين الإفراط والتفريط)).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015