وحموا هذه البقعة من مصير الأندلس الأليم .. وما يزال المسلمون يسامون الفتنة في أرجاء المناطق الشيوعية والوثنية والصهيونية والمسيحية في أنحاء من الأرض شتى .. وما يزال الجهاد مفروضا عليهم لرد الفتنة إن كانوا حقا مسلمين! وجاهد الإسلام ثانيا لتقرير حرية الدعوة - بعد تقرير حرية العقيدة - فقد جاء الإسلام بأكمل تصور للوجود والحياة، وبأرقى نظام لتطوير الحياة. جاء بهذا الخير ليهديه إلى البشرية كلها ويبلغه إلى أسماعها وإلى قلوبها. فمن شاء بعد البيان والبلاغ فليؤمن ومن شاء فليكفر. ولا إكراه في الدين. ولكن ينبغي قبل ذلك أن تزول العقبات من طريق إبلاغ هذا الخير للناس كافة كما جاء من عند الله للناس كافة. وأن تزول الحواجز التي تمنع الناس أن يسمعوا وأن يقتنعوا وأن ينضموا إلى موكب الهدى إذا أرادوا. ومن هذه الحواجز أن تكون هناك نظم طاغية في الأرض تصد الناس عن الاستماع إلى الهدى وتفتن المهتدين أيضا. فجاهد الإسلام ليحطم هذه النظم الطاغية وليقيم مكانها نظاما عادلا يكفل حرية الدعوة إلى الحق في كل مكان وحرية الدعاة ..

وما يزال هذا الهدف قائما، وما يزال الجهاد مفروضا على المسلمين ليبلغوه إن كانوا مسلمين!

وجاهد الإسلام ثالثا ليقيم في الأرض نظامه الخاص ويقرره ويحميه .. وهو وحده النظام الذي يحقق حرية الإنسان تجاه أخيه الإنسان حينما يقرر أن هناك عبودية واحدة لله الكبير المتعال ويلغي من الأرض عبودية البشر للبشر في جميع أشكالها وصورها. فليس هنالك فرد ولا طبقة ولا أمة تشرع الأحكام للناس، وتستذلهم عن طريق التشريع. إنما هنالك رب واحد للناس جميعا هو الذي يشرع لهم على السواء، وإليه وحده يتجهون بالطاعة والخضوع، كما يتجهون إليه وحده بالإيمان والعبادة سواء. فلا طاعة في هذا النظام لبشر إلا أن يكون منفذا لشريعة الله، موكلا عن الجماعة للقيام بهذا التنفيذ. حيث لا يملك أن يشرع هو ابتداء، لأن التشريع من شأن الألوهية وحدها، وهو مظهر الألوهية في حياة البشر، فلا يجوز أن يزاوله إنسان فيدعي لنفسه مقام الألوهية وهو واحد من العبيد! هذه هي قاعدة النظام الرباني الذي جاء به الإسلام. وعلى هذه القاعدة يقوم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015