ذاق حلاوة الإيمان، وأحس بكرامته على الله، وبمقامه في هذا الكون وهو يحمل هذا السر الإلهي العظيم. ويمشي في الأرض بسلطان الله في قلبه ونور الله في كيانه ويذهب ويجيء وعليه شارة مولاه .. وما يطيق الحياة وما يطعمها إنسان عرف حقيقة الإيمان وعاش بها ثم تسلب منه، ويطرد من الكنف، وتوصد دونه الأبواب. لا بل إن الحياة لتغدو جحيما لا يطاق عند من يتصل بربه ثم يطبق دونه الحجاب.
إن الإيمان هبة ضخمة، لا يعد لها في هذا الوجود شيء والحياة رخيصة، والمال زهيد زهيد، حين يوضع الإيمان في كفة، ويوضع في الكفة الأخرى كل ما عداه .. ومن ثم كان هذا الإنذار أهول ما يواجهه المؤمن، وهو يتلقاه من الله .. (?)
وهو يشمل أنواع كثيرة وأهمها أمران هامان جدا:
وهي فرض بلا نزاع وجميع المسلمين آثمون إن لم يفعلوا ذلك، ولن تكون إلا بالدماء الرخصية التي تراق في سبيل الله كما فعل عماد الدين الزنكي ونور الدين محمود وصلاح الدين الأيوبي عليهم شآبيب الرحمة، فعندما احتل الصليبيون فلسطين والشريط الساحلي من الشام سارعت الدويلات العفنة لتبرم معهم اتفاقات كما نفعل اليوم، وذلك ضمانا لبقائها على كراسيها، ولو ضاع الإسلام وأهله، فلا يهمهم ذلك.
بل بقي هؤلاء ستين سنة يقاتلون الدويلات العميلة مع أعداء الإسلام الصليبيين ... حتى ووحدوا الشام ومصر حتى استطاعوا مقابلة الصلبيين ودحرهم في معركة حطين وما تلاها ...