وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)} الصف
يَا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ بِاللهِ، وَالمُصَدِّقُونَ بِرُسُلِهِ وَكُتُبِهِ وَآيَاتِهِ، أَلاَ تُرِيدُونَ أَنْ أَدُلِّكُمْ عَلَى صَفَقَةٍ رَابِحَةٍ، وَتِجَارَةٍ نَافِعَةٍ، تَفُوزُونَ فِيهَا بِالرِّبْحِ العَظِيمِ، وَتْنْقِذُكُمْ مِنْ عَذَابِ اللهِ الأَلِيمِ يَوْمَ القِيَامَةِ؟
وَهِذِهِ الصَّفَقَةُ هِيَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَتَعْبُدُوهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَتَصَدِّقُوا بِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ، وَمَا أَنْزَلَهَ عَلَيْهِ مِنَ القُرْآنِ وَتُجَاهِدُوا فِي سَبِيلِ رَفْعِ كَلِمَةِ اللهِ، وَعِزَّةِ دِينِهِ، بِأَنْفُسِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، فَإِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ، كَانَ ذَلِكَ خَيْراً لَكُمْ مِنْ كُلِّ شَيءٍ فِي الدُّنْيَا: مِنَ النَّفْسِ وَالمَالِ وَالزَّوْجِ وَالوَلَدِ، هَذَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ مَا أَعَدَّهُ اللهَ لِعِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ المُخْلِصِينَ المُجَاهِدِينَ فِي الآخِرَةِ مِنْ جَزِيلِ الثَّوَابِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ.
وَإِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ سَتَرَ اللهُ ذُنُوبِكُمْ وَمَحَاهَا، وَأَدْخَلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي الأَنْهَارُ فِي جَنَبَاتِهَا، وَأَسْكَنَكُمْ مَسَاكِنَ طَيِبةً تَقَرُّ بِهَا العُيُونَ، وَهَذا هُوَ مُنْتَهَى ما تَصْبُوا إِليهِ النُّفُوسُ، وَهُوَ الفَوْزُ الذِي لاَ فَوْزَ أَعْظَمَ مِنْهُ.
وَلَكُمْ يَا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ المُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ تَعَالَى، مَعَ الفَوْزِ فِي الآخِرَةِ، الذِي وَعَدَكُمْ اللهُ بِهِ، نِعْمَةٌ أُخْرَى تُحِبُّونَها، وَهِيَ نَصْرٌ مِنَ اللهِ، وَفَتْحٌ قَرِيبٌ، تَجْنُونَ مَغَانِمَهُ، وَبَشِّرْ يَا مُحَمَّدُ المُؤْمِنينَ بِهَذَا الجَزَاءِ. (?)
ومن ذا الذي لا يشتاق لأن يدله الله على هذه التجارة؟ وهنا تنتهي هذه الآية، وتنفصل الجملتان للتشويق بانتظار الجواب المرموق. ثم يجيء الجواب وقد ترقبته القلوب والأسماع: «تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ» .. وهم مؤمنون بالله ورسوله. فتشرق قلوبهم عند سماع شطر الجواب هذا المتحقق فيهم! «وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ» .. وهو الموضوع الرئيسي الذي تعالجه السورة، يجيء في هذا الأسلوب، ويكرر هذا التكرار، ويساق في هذا السياق. فقد علم الله أن النفس البشرية في حاجة إلى هذا