والأمثلة على هذه الأنواع كثيرة جدًّا؛ كما ستراها في أماكنها على ما سبقت الإشارة إليه، لكن مما ينبغي التنبيه عليه بهذه المناسبة: أنها على نوعين:
أحدهما: منكر أو باطل من أصله، كهذا المثال، ومحل هذا النوع في "الضعيف".
والآخر: يكون أصله صحيحًا، لكن وقع فيه شذوذ من ثقة، أو نكارة من ضعيف، كالأمثلة التي قبل هذا، فمحله - على الغالب - في "الصحيح"؛ مع التنبيه على موضع الشذوذ والنكارة، وهذا مما لم يُعْنَ ابن حبان بالتنبيه عليه، وقلده في ذلك المعلقون على "الموارد"، وبخاصة الأخ الداراني، حتى ليكاد الواقف على تخريجاته يجزم بأنه لا يعرف هذا النوع من علوم الحديث: (الشاذ)، و (المنكر)، كما سترى ذلك يقينًا - إن شاء اللَّه تعالى - عند التعليق على الكثير منها!
أخي القارئ! إذا تيقنت مما سبق من البيان والتحقيق إخلال ابن حبان - رحمه اللَّه - بالشرط الأول والثاني من شروطه الخمسة، وعدم وفائه بهما؛ فلستَ - والحالةُ هذه - بحاجة إلى تنبيهك إلى أنه قد أخل بالشرط الثالث والرابع: العقل بما يحدث، والعلم بالمعنى من باب أولى؛ لأنهما شرطان نظريان، لم يقل بهما أحد من أهل العلم؛ بل القول بهما مخالف للكتاب والسنة كما سبق بيانه (ص 26 - 29)؛ بل جرى عمل المحدثين جميعًا على خلافه، وأول مخالف له إنما هو قائله!!
ولقد أخل ابن حبان بالشرط الخامس أيضًا، وهو قوله:
" ... المتعرِّي خبره عن التدليس".