قالت: فقمتُ فاقتحمتُ حديقة، فإذا فيها نفر من المسلمين فيهم عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، فقال عمر: ويحكِ ما جاءَ بك؟! لعَمْري والله إِنّك لجريئة، ما يؤمنك أَن يكونَ تحوُّز (?) أَو بلاء؟! قالت: فما زالَ يلومني حتّى تمنيتُ أنَّ الأَرضَ قد انشقت فدخلتُ فيها، وفيهم رجل عليه تَسْبِغَةٌ له، فرفع الرجلُ النصيف عن وجهه؛ فإذا طلحة بن عبيد الله، فقال: ويحك يا عمر إِنّك قد أَكثرت منذ اليوم، وأَين [التحوُّز أو] (?) الفرارُ إِلّا إِلى الله؟!
قالت: ورمى سعدًا رجلٌ من المشركين - يقال له ابن العَرِفة - بسهمٍ، قال: خُذها وأنا ابن العَرِفَة فأَصابَ أكحله، فقطعها، فقال: اللهمَّ! لا تمتني حتّى تُقرَّ عيني من قريظة، وكانوا حلفاءه ومواليَه في الجاهليّة، فبرأ كَلْمُهُ.
وبعثَ الله الريحَ على المشركين؛ فـ {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا}، فلحقَ أَبو سفيان بتهامة، ولحق عُيَيْنه [بن بدر بن حِصن] ومَن معه بنجد، ورجعت بنو قريظة فتحصنوا بصياصيهم (?).
فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِلى المدينة، وأَمر بقبّة من أَدم؛ فضربت على سعد في المسجد، ووضعَ السلاحَ، قالت: فأَتاه جبريل فقال: أَوقد وضعتَ السلاحَ؟! فوالله ما وضعتِ الملائكةُ السلاحَ، اخرج إِلى بني قريظة فقاتلهم، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالرحيل، ولبس لَأْمَته، فخرج فمرَّ على بني غَنْمٍ - وكانوا جيران المسجد -، فقال: "من مرّ بكم؟ "، قالوا: مرَّ بنا دحيةُ