كنّا بمدينة الروم، فأَخرجوا إلينا صفًّا عَظيمًا من الرُّومِ، وخرج إِليهم مثله أَو أَكثر (?) - وعلى أَهل مصر عقبة بن عامر صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فحمل رجل من المسلمين على صفّ الروم حتّى دخل فيهم، فصاح به الناسُ وقالوا: سبحان الله! تلقي بيدك إِلى التهلكة! فقامَ أَبو أَيوب الأَنصاري فقال:
أَيّها النّاس! إنّكم تتأوّلونَ هذه الآية على هذا التأويل، إنّما نزلت هذه الآية فينا معشر الأَنصار، وإنّا لمّا أَعزَّ اللهُ الإسلامَ، وكثّر ناصريه؛ قلنا بعضنا لبعضٍ سرًّا من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ أَموالنا قد ضاعت، وإنَّ اللهَ قد أَعزَّ الإسلامَ وكثّر ناصريه، فلو أَقمنا في أَموالِنا؛ فأَصلحنا ما ضاعَ منها! فأنزلَ الله عز وجلّ [على نبيه - صلى الله عليه وسلم -] يردّ علينا ما قلنا: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، فكانت التهلكةُ الإِقامةَ في أَموالنا وإصلاحها وتركَنا الغزوَ (?)، وما زالَ أَبو أَيوب شاخصًا في سبيل اللهِ؛ حتّى دفنَ بأَرض الروم.
صحيح - "الصحيحة" (13).