فانطلقَ الرَّجلُ به، فوافقَ قيصرَ وهو يأتي بيتَ المقدس، قد جُعلَ له بساط، لا يمشي عليه غيره، فرمى بالكتابِ على البساط، وتنحّى، فلما انتهى قيصرُ إِلى الكتابِ أَخذه، ثمَّ دعا رأس الجاثَليق (?) وأَقرأه، فقال: ما علمي في هذا الكتابِ إِلّا كعلمِك، فنادى قيصرُ: من صاحب الكتاب؟ فهو آمن فجاء الرجل، فقال: إذا [أنا] قدمتُ فأْتني، فلما قدم أتاه، فأمر قيصرُ بأَبواب قصرِه فغلقت، ثمَّ أَمر مناديًا فنادى: أَلا إنَّ قيصرَ تبعَ محمّدًا وتركَ النصرانيّة! فأَقبل جندُه وقد تسلحوا، حتّى أَطافوا بقصرِه، فقال لرسولِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: قد ترى أنّي خائفٌ على مملكتي! ثم أَمر مناديًا فنادى: أَلا إنَّ قيصرَ قد رضي عنكم، وإِنّما اختبركم (?) لينظرَ كيفَ صبركم على دينِكم؟ فارجعوا، فانصرفوا.
وكتبَ قيصرُ إِلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: إِنّي مسلم! وبعثَ إِليه بدنانير، فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حينَ قرأَ الكتابَ:
"كذبَ عدوُّ اللهِ، ليسَ بمسلمٍ، وهو على النصرانيّةِ"، وقَسَمَ الدنانيرَ.
(قلت): ويأتي حديث في "دعاء النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إِلى الإِسلام" في (كتاب المغازي والسير). [27/ 1].
صحيح - التعليق على "الإحسان" (7/ 17).