إذا عرف ما ذكرت؛ فإني أرى أنه لا منافاة بين الاجتهادات والأقوال المذكورة، وذلك بعد ممارستي - والحمد لله - لهذا العلم الشريف، والتزامي لقواعده التي وضعها أساطين الحفاظ والعلماء، واستعانتي بهم على تطبيق الجزئيّات على الكليات، والفروع على الأصول، واستفادتي من تجارِبهم وممارستهم إياه أكثر من نصف قرن من الزمان، فأقول:
أولًا: هو بحق - كما ذكروا - في المرتبة الثالثة بعد "الصحيحين"، وذلك لغزارة مادته، وكثرة أحاديثه التي بلغ عددها نحو (7500) (?)، والأحاديث التي انتقدتها منه بواسطة "الموارد" لا تبلغ الأربع مئة - فيما يبدو - حتى الآن؛ لأننا لم ننته بعد من تصحيح تجارب "الضعيف" منه؛ أي: بنسبة خمسة في المئة تقريبًا، لكن ينبغي أن لا ننسى أن النسبة يمكن أن ترتفع؛ لأن قسمًا كبيرًا من "الصحيح" لم نورده في "الضعيف" لمتابعات وشواهد قويناه بها؛ وإلاَّ فهي ضعيفة الأسانيد، كما سيأتي التنبيه على ذلك - إن شاء الله تعالى -.
ثانيًا: هو متساهل في التوثيق والتصحيح دون ما شك أو ريب، وهو مما سيأتي تفصيل القول فيه - بإذنه - تعالى -.
ثالثًا: الأحاديث المنكرة فيه، يلتقي تمامًا مع ما قبله، وبخاصة إذا فُسَّرَ الحديث المنكر بما تفرد به الضعيف، سواءً خالف أو لم يخالف - كما هو مذهب أحمد وغيره -.
والذي يهمني في هذه المقدمة؛ إنما هو تحقيق القول في تساهله المذكور، وتقويم مصدريه، إلاَّ وهما كتاباه "الثقات"، و"الصحيح"؛ لأنه عليهما قام كتاب "موارد الظمآن"، فأقول: