4- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمله بهن وأن يأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن فكأنهُ أبطأ بهن فأوحى الله إلى عيسى: إما أن يُبَلِّغهُن أو تُبَلَّغُهنَ، فأتاه عيسى فقال له إنك أمرت بخمس كلمات أن تعمل بهن، وتأمُرَ بني إسرائيل أن يعملوا بهن، فإما أن تُبلِّغهُن وإما أن أبلغهُن، فقال له، يا روح الله إني أخشى إن سبقتني أن أعذب أو يخسف بي، فجمع يحيى بني إسرائيل في بيت المقدس حتى امتلأ المسجد فقعد على الشرفات فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن.
وأولهُن أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، فإن مثل من أشرك بالله كمثل رجلٍ اشترى عبداً من خالص ماله بذهب أو ورق، ثم أسكنه داراً فقال اعمل وارفع إلي، فجعل العبد يعمل ويرفع إلى غير سيده، فأيكم يرضى أن يكون عبدهُ كذلك؟ وإن الله خلقكم ورزقكم فاعبدوهُ ولا تشركوا به شيئاً، وآمركم بالصلاة، وإذا قمتم إلى الصلاة فلا تلتفتوا فإن الله عز وجل يقبل بوجهه على عبده ما لم يلتفت وآمركم بالصيام، ومثل ذلك كمثل رجلٍ معهُ صرةُ مسك في عصابة كلهم يجد ريح المسك، وإن خلوف فم الصائم أطيبُ عند الله من ريح المسك، وآمركم بالصدقة، ومثل ذلك كمثل رجل أسرهُ العدو وفشدوا يديه إلى عنقه وقدموه ليضربوا عنقه. فقال لهم: هل لكم أن أفتدي نفسي منكم؟ فجعل يفتدى نفسه منهم بالقليل والكثير حتى فك نفسهُ وآمركم بذكر الله كثيراً، ومثل ذلك كمثل رجلٍ طلبهُ العدو سراعاً في أثره فأتى حصناً حصيناً فأحرز نفسه فيه وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله تعالى.