فالصحيح ما ذهبت إليه الجماهير من أن قوله إن شاء الله يمنع انعقاد اليمين بشرط كونه متصلاً، ولو جاز منفصلاً -كما قال بعض السلف- لم يحنث أحد في يمين، ولم يحتج إلى كفارة، واختلفوا في زمن الاتصال، فقال الجمهور: هو أن يقول: إن شاء الله، متصلاً باليمين من غير سكوت بينهما، ولا يضره التنفس، والله أعلم.
والحاصل (?): أن من استثنى في يمينه لم يحنث، ويشترط في هذا الاستثناء ما يلي:
1 - أن يكون متصلاً باليمين، فلا يفصل بسكوت يمكن الكلام فيه، ولا يفصل بكلام أجنبي.
2 - ويستثنى بلسانه، ولا ينفعه بقلبه.
3 - أن يقصد الاستثناء، ولا يشترط أن يقصده من أول الكلام.
4 - لا فرق بين تقديم الاستثناء على اليمين أو تأخيره.
اليمين على نية الحالف أم المستحلف؟ (?)
المتحصل من كلام أهل العلم في المسألة، أن الحالف له حالتان:
1 - أن لا يكون هناك مستحلفٌ له أصلاً: بل هو حلف على الشيء ابتداءً، فالمرجح إلى نيَّته، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات»، فإذا نوي بيمينه ما يحتمله انصرفت يمينه إليه سواء كان ما نواه موافقًا لظاهر اللفظ أو مخالفًا له.
2 - أن يكون قد استحلفه القاضي أو غيره فيما يتعلق بالحقوق: فإن اليمين تنعقد على ما نواه المستحلف -لا الحالف- ولا تنفع الحالفَ التورية في هذه الحالة، لحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يمينك على ما يصدقك عليه صاحبك» وفي رواية: «اليمين على نية المستحلف» (?) وإلا لم تكن لليمين عند القاضي معنى، ولضاعت الحقوق.