قلت: يُستدل لهم بحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها -لما حاضت-: «افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري» (?) وموضع الدلالة منه أنه صلى الله عليه وسلم أمرها أن تصنع ما يصنع الحاج غير الطواف بالبيت، ولم تَسْعَ كما لم تطف، فلو لم يكن السعي متوقفًا على تقدم الطواف قبلها لما أخرته، لا سيما والحائض لا تمنع من السعي -على الصحيح- كما سيأتي قريبًا.
لكن لقائل أن يقول (?): ليس معنى تأخير عائشة للسعي إلى أن تطوف أن هذا ملزم لغيرها، وخصوصًا أن النبي صلى الله عليه وسلم ما سئل عن شيء قدم أو أخر يوم النحر إلا قال: «افعل ولا حرج» كما سيأتي، وهذا عطاء والأوزاعي وطائفة من أصحاب الحديث.
هل يجوز للحائض أن تسعى بين الصفا والمروة؟
وردت زيادة في حديث عائشة المتقدم: «أفعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت [ولا بين الصفا والمروة] حتى تطهري» لكن قوله (ولا بين الصفا والمروة) زيادة شاذة لا تصح (?)، وعلى فرض أنها محفوظة فلا تدل على اشتراط الطهارة للسعي، لأن السعي يتوقف على تقدم طواف قبله -عند الجمهور- فكان المانع من السعي عدم الطواف.
وليس هناك دليل على اشتراط الطهارة للسعي، بل صح عن ابن عمر أنه قال: «إذا طافت بالبيت ثم حاضت قبل أن تسعى بين الصفا والمروة، فلتسعَ بين الصفا والمروة» (?).
وقد صح نحوه عن الحسن وعطاء والحكم وحماد وغيرهم من السلف، وهومذهب الشافعي (?).