وهذا هو مذهب جمهور العلماء ورجَّحه ابن القيم (?) وقال: آثار الصحابة كلها في هذا إنما تدل على هذا التفصيل. اهـ.
أمور لا بأس بها للمُحْرِم (المباحات):
وهذه أمور يتحرَّج منها بعض الحجاج، ولا حرج منها، فمن ذلك:
1 - الاغتسال لغير احتلام، وتغيير إزاره وردائه:
فعن عبد الله بن حنين عن عبد الله بن عباس والمسور بن مخرمة أنهما اختلفا بالأبواء، فقال ابن عباس: يغسل المحرم رأسه، وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه، فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري أسأله عن ذلك، فوجدته يغتسل بين القرنين، وهو يستتر بثوب، قال: فسلمت عليه، فقال: من هذا؟ فقلت أنا عبد الله بن حنين، أرسلني إليك عبد الله بن عباس أسألك كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه، ثم قال لإنسان يصب: صب، فصبَّ على رأسه ثم حرَّك رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر ثم قال: هكذا رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل، [فقال المسور لابن عباس: لا أماريك أبدًا]» (?) وفيه دليل على جواز الاغتسال للمحرم.
وعن ابن عباس قال: «ربما قال لي عمر بن الخطاب رضي الله عنه: تعال أُباقيك في الماء أيُّنا أطول نفسًا ونحن محرمون» (?).
2 - الامتشاط: فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها فقال: «انقضى رأسك وامتشطي» (?) وهو جائز إذا أمن من سقوط شيء من شعره، وأما إذا لم يأمن فهو محل نزاع واجتهاد، والأظهر جوازه لعدم الدليل على المنع.
3 - حكُّ الرأس والجسد: فعن عائشة أنها سئلت عن المحرم يحكُّ جسده؟ فقالت: «نعم، فليحككه وليشدد» (?).
ويدل لهذا حديث أبي أيوب المتقدم، ولذا قال شيخ الإسلام (?): «وله أن يحك بدنه إذا حكَّه، وكذلك إذا اغتسل وسقط شيء من شعره بذلك لم يضره» اهـ.