تجب فيه الغُرَّة، وهي نصف عشر الدية، وسيأتي دليل ذلك وتفصيل المسألة في «الديات» إن شاء الله.
ما تثبت به الجناية:
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الجنايات تثبت على مرتكبيها بطريق من الطرق الثلاثة الآتية:
1 - الإقرار: وهو في الاصطلاح: الإخبار عن حق، أو الاعتراف به.
وقد دلَّ على ثبوت الجناية بالإقرار الكتاب والسنة والإجماع:
(أ) قال الله تعالى: {وإذا أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على
ذلكم إصري قالوا أقررنا} (?).
(ب) وقال سبحانه: {وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا} (?).
(جـ) وعن وائل بن حجر - رضي الله عنه - قال: إني لقاعد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء رجل يقود آخر بِنِسْعَة فقال: يا رسول الله هذا قتل أخي، فقال رسول الله: «أقتلته؟» فقال: إنه لو لم يعترف أقمت عليه البينة، قال: نعم، قتلتهُ، قال: «كيف قتلته؟» قال: كنت أنا وهو نحتطب من شجرة فسبَّني فأغضبني، فضربته بالفأس على قرنه فقتلته، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هل لك من شيء تؤديه عن نفسك؟» قال: ما لي مالٌ إلا كسائي وفأسي، قال: «فترى قومك يشترونك؟» قال: أنا أهون على قومي من ذاك، فرمى إليه بنسعته وقال: «دونك صاحبك» ... الحديث (?).
واستدل بالحديث على أنه يثبت القصاص على الجاني بإقراره، قال الشوكاني: «وهو مما لا أحفظ فيه خلافًا، إذا كان الإقرار صحيحًا متجردًا عن الموانع» اهـ (?).
2 - الشهادة: وهي الطريق المعتاد لإثبات الجرائم، وأغلب الجرائم تثبت عن طريقها، وقد دلَّ على ثبوت الجناية على الجاني بالشهادة ما يلي: