لكن ثبت عن عائشة: أن أم حبيبة استُحيضت سبع سنين، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأمرها أن تغتسل فقال: «هذا عرق» فكانت تغتسل لكل صلاة (?).

قال الشافعي -رحمه الله-: إنما أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتصلي (?) وليس فيه أنه أمرها أن تغتسل لكل صلاة، ولا شك -إن شاء الله- أن غسلها كان تطوعًا غير ما أمرت به وذلك واسع لها. اهـ (?).

قلت: وهذا قول جمهور العلماء من السلف والخلف: أن المستحاضة لا يجب عليها الغسل لكل صلاة.

النية شرط لصحة الغُسل: لأن الغسل عبادة لا تعلم إلا بالشرع فكانت النية شرطًا فيها، وهي عزم القلب على فعل الغسل امتثالاً لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (?) والإخلاص: النية في التقرب إلى الله تعالى، والقصد له بأداء ما افترض على عباده المؤمنين، وقال صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» (?) وهذا عمل (?).

ركن الغسل: تعميم جميع البدن بالماء:

فحقيقة الغسل: إفاضة الماء على جميع الجسد، ووصوله إلى كل الشعر والبشرة، وهذا ثابت في جميع الأحاديث الواصفة لغسل النبي صلى الله عليه وسلم -وسأذكرها قريبًا- ومن ذلك ما في حديث عائشة رضي الله عنها: «... ثم يفيض على جسده كله» (?) قال الحافظ في «الفتح» (1/ 361): هذا التأكيد يدل على أنه عمم جميع جسده بالغسل. اهـ.

وفي حديث جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أما أنا فآخذ ملء كفي ثلاثًا فأصبُّ على رأسي، ثم أفيض بعد ذلك على سائر جسدي» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015