بينما ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - إلى أن الرجعية لا يلحقها الطلاق وإن كانت في العدة، واحتج بقوله تعالى: {إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} (?). وهو «يدلُّ على أنه لا يجوز إرداف
الطلاق للطلاق حتى تنقضي العدة أو يراجعها؛ لأنه إنما أباح الطلاق للعدة أي لاستقبال العدة (?)، فمتى طلقها طلقها الثانية والثالثة قبل الرجعة بَنَتْ على العدَّة ولم تستأنفها باتفاق جماهير المسلمين ... ومن اخذ بمقتضى القرآن وما دلت عليه الآثار فإنه يقول: إن الطلاق الذي شرعه الله هو ما يتعقبه العدَّة، وما كان صاحبه مخيَّرًا فيها بين الإمساك بمعروف والتسريح بإحسان، وهذا مُنتف في إيقاع الثلاث في العدة قبل الرجعة، فلا يكون جائزًا، فلم يكن ذلك طلاقًا للعدة؛ ولأنه قال: {فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف} (?).
فخيَّره بين الرجعة وبين أن يدعها تقضي عدتها فيُسرِّحها بإحسان، فإذا طلَّقها ثانية قبل انقضاء العدة لم يمسك بمعروف ولم يُسرِّح بإحسان» اهـ (?).
قلت: الظاهر أن الخلاف في هذه المسألة راجع إلى الخلاف بين ابن تيمية والجمهور في مسألة: هل يقع طلاق الثلاث دفعه واحدة ثلاثًا أم واحدة؟ وسيأتي تحريرهُ إن شاء الله.
كيفيِّةُ الرَّجعة:
[1] الرَّجعة بالقَوْل (?):
لا خلاف بين أهل العلم في أن الرَّجعة تصحُّ بالقول الدالِّ عليها، كأن يقول لمطلَّقته وهي في العدة: (راجعتُك - ارتجعتك - رددتُك لعصمتي) وما يؤدي هذا المعنى، أو أن يقول ذلك بصيغة الغيبة: (راجعتُ امرأتي) ونحو ذلك.