وقال ابن عباس: «المني والودي والمذي: أما المني فهو الذي منه الغسل، وأما الودي والمذي فقال: اغسل ذكرك -أو مذاكيرك- وتوضأ وضوءك للصلاة» (?).
فائدة: من كان مُبتلىً بسلس بول أو سلس مذي أو كان يتكرر عنده خروج شيء مما تقدم حتى يشق عليه -لعلة في جسده- فإنه يغسل ما أصاب ثوبه وبدنه ويتوضأ لكل صلاة -كالمستحاضة كما سيأتي- ثم لا يضره ما خرج من صلاته أو فيما بين وضوئه وصلاته.
3 - النوم المستغرق الذي لا يبقى معه إدراك:
اختلفت الآثار الواردة في الوضوء من النوم وتعارضت ظواهرها، فهناك أحاديث يدل ظاهرها على أنه ليس في النوم وضوء أصلاً، وأخرى يوجب ظاهرها أن النوم حدث، فذهب العلماء فيها مذهبين: مذهب الجمع ومذهب الترجيح، فمن ذهب مذهب الترجيح إما أسقط الوضوء من النوم مطلقًا وقال: ليس بحدث، وإما أوجبه مطلقًا وقال: النوم حدث. ومن ذهب مذهب الجمع قال: النوم ليس حدثًا وإنما هو مظنة للحدث، وهؤلاء اختلفوا في صفة النوم الذي يجب منه الوضوء، فهذه ثلاثة مسالك للعلماء، تفرع منها ثمانية أقوال (?) وهي:
الأول: النوم لا ينقض الوضوء مطلقًا: وهو محكي عن جماعة من الصحابة منهم ابن عمر وأبو موسى الأشعري، وهو قول سعيد بن جبير ومكحول وعبيدة السلماني والأوزاعي وغيرهم، وحجتهم:
1 - حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «أقيمت الصلاة، والنبي صلى الله عليه وسلم يناجي رجلاً، فلم يزل يناجيه حتى نام أصحابه، ثم جاء فصلى بهم» (?).
2 - وعن قتادة قال: سمعت أنسًا يقول: «كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون، ثم يصلُّون ولا يتوضَّأون» قال: قلت: سمعته من إنس؟ قال: إي والله (?).
وفي لفظ «ينتظرون الصلاة فينعسون حتى تخفق رؤوسهم، ثم يقومون إلى الصلاة».