(و) الزانية حتى تتوب وتستبرئ بحيضة:

قال الله تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحُرِّم ذلك على المؤمنين} (?).

وقد اختلف أهل العلم في مفهوم هذه الآية الكريمة: هل خرج مخرج الذم أو مخرج التحريم؟ وهل الإشارة في قوله تعالى {وحرم ذلك على المؤمنين} إلى الزنا، أو إلى النكاح؟ (?).

وقد صار الجمهور -خلافًا لأحمد- إلى حمل الآية على الذم لا على التحريم، فأجازوا زواج الزانية، لأمور:

1 - أن ظاهر الآية غير مراد لأنه يستلزم القول بأن الزاني المسلم تحل له المشركة، وكذلك الزانية المسلمة يحل لها المشرك وهما ممتنعان كما تقدم.

2 - قالوا: الآية منسوخة بقوله تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم ...} (?).

قد خلت الزانية في أيامى المسلمين، ويعكِّر على هذا الجهل بالتاريخ فلا يثبت النسخ.

3 - واستدلوا بحديث الرجل الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم في زوجته: إنها لا تردُّ يد لامس، فقال له صلى الله عليه وسلم: "طلقها" فقال: إني لا أصبر عنها فقال له: "فأمسكها" (?).

قلت: لكن يتأيد حمل الآية على تحريم نكاح الزانية بسبب نزولها:

فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن مرثد بن أبى مرثد الغنوي كان يحمل الأسارى بمكة، وكان بمكة بغى يقال لها "عَنَاق" وكانت صديقته، فقال: جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، أنكح عناقًا؟ فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يردَّ عليَّ شيئًا حتى نزلت: {الزانى لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين} (?). فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا مرثد، الزانى لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك، فلا تنكحها" (?).

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015