قلت: ولو قال قائل بأن أدلة إيجاب المضمضة والاستنشاق مصروفة إلى الندب بحديث رفاعة بن رافع في قصة المسيء صلاته أنه صلى الله عليه وسلم قال للمسيء: «إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله تعالى، فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح رأسه ورجليه إلى الكعبين ...» الحديث (?).

فلم يذكر المضمضة أو الاستنشاق فيما أمر الله به، فوافق الآية الكريمة، وذكر الوجه فيهما ليس مجملاً حتى يقال إنه مبين بالسنة. فهذا أيضًا قول قوي ومتجه والله أعلم.

فائدة: اعلم أن العلماء اختلفوا في حكم المضمضة والاستنشاق في الطهارتين (الوضوء والغسل) على أربعة أقوال (?).

الأول: أنهما واجبان في الغسل دون الوضوء، وبه قال الثوري وأبو حنيفة وأصحاب الرأي.

الثاني: أنهما سنة في الغسل والوضوء، وبه قال مالك والشافعي والليث والأوزاعي وجماعة.

الثالث: أنهما واجبان في كل من الغسل والوضوء، وبه قال عطاء وابن جريج وابن المبارك وإسحاق ورواية عن أحمد، وهو مشهور مذهب الحنابلة.

الرابع: أن الاستنشاق واجب فيهما، والمضمضة سنة فيهما، وبه قال: أحمد -في رواية- وأبو عبيد وأبو ثور وطائفة من أصحاب الحديث، واختاره ابن المنذر.

غسل اللحية وسائر شعر الوجه (?):

إذا كانت الشعور النابتة على الوجه (اللحية والشارب والعنفقة (?) والحاجبان وأهداب العينين) كثيفة لا تصف البشرة أجزأه غسل ظاهرها، وإن كانت تصف البشرة وجب غسلها معه، وإن كان بعضها خفيفًا والبعض الآخر كثيفًا وجب غسل بشرة الخفيف معه وظاهر الكثيف.

وأما ما استرسل من اللحية: فعند أبي حنيفة ورواية عن أحمد أنه لا يجب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015