وقال رحمه الله في مقدمة "صحيح سنن أبي داود" -كتابه الآخر باختصار السند-، طبعة مكتبة المعارف:
" ... وذلك لأن أحاديث "أبي داود" ... ؛ مخرجة تخريجًا علميًّا دقيقًا في مشروعي القديم، الذي كنت بدأت فيه من نحو أربعين سنة، وهو "صحيح أبي داود" و "ضعيف أبي داود"، ولا أزال أعمل فيهما على نوبات متفرقة متباطئة، يسر الله لي إتمامها ... ".
وقد بدأ الشيخ مشروعه هذا -كما ذَكَرَ- منذ سنين طويلة، وجعله في دفاتر متعددة، وقد وجدنا على الوجه الداخلي لغلاف دفتره الأول ما يشير إلى تاريخ بداية عمله فيه بعبارة مختصرة:
"سنة حجتي الأولى (1368) أواخر صفر (1369 هـ) ". وكان يسجل تاريخ انتهائه من بعض دفاتره، أو متابعته للعمل في بعضها الآخر، ولم يكمل تخريج الكتاب كله -" قدر الله وما شاء فعل"-؛ ولذلك لم يكن رحمه الله يعزم على نشره -على أهميته- إلا بعد الانتهاء منه كاملًا؛ فقد وصل في هذا "الصحيح" إلى الحديث (2734) من كتاب "الجنائز"، (25 - باب الجلوس عند المصيبة)، ومن "الضعيف" إلى الحديث (561) من كتاب "الجنائز" أيضًا، (29 - باب في النوح).
وهذا الكتاب مما يشهد لشيخنا رحمه الله شهادة تامة ببصره النافذ -الناقد- في علم الحديث ورجاله، ونظرته الفاحصة للأسانيد وعللها، وتبحُّره في معرفة الشواهد -مما لا يستطيعه إلا من كَمَلَت -أو أوشكت- معرفته بعلم الحديث رواية ودراية، مع تضلّع بفهم كلمات الأئمة الجهابذه النقاد في الأسانيد والرجال ومرويّاتهم ...