10 - التمسك بالدين والصبر على ما يلاقي المرء في طريق الدعوة لقد لاقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صنوفًا من الأذى في سبيل الدعوة إِلى الله، وإِبلاغ ما أنزل إِليه من ربه، فقد اتهمه المشركون في عقله وسلوكه وهو بريء من ذلك، وأعداؤه يعرفون هذا، لكن الخصومة والمغالبة والاعتداء وصل بهم إِلى هذا الأمر، فقالوا عنه - صلى الله عليه وسلم -: إِنه مجنون، وشاعر، وساحر، وقالوا عن ما جاء به من الوحي والهدى أساطير: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} (?).
وقالوا: {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} (?). فرد الله عليهم كذبهم فقال: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} (?). لأنهم ادعوا أَن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يأتي بالقرآن من عند رجل نصراني كان يمتهن النجارة عند الصفا، وهو أعجمي وهذا القرآن لسان عربي مبين، فكيف يتفق أن يأتي الأعجمي الذي لا يعرف العربية بهذا القرآن العربي الفصيح؟! إِن هذا محال .. ولكن كما قيل: الخصومة حجاب ساتر عن إِدراك الحق. لقد واجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كل أنواع الأذى في العهد المكي بالصبر (?)، وكذلك أصحابه صبروا على ما لا يُصبر عليه عادة، مع أنهم عرب، وعاشوا في بيئة تتصف بسرعة الغضب والانتقام، وتقدس الثأر. وحروب العرب وأيامها في الجاهلية غالبها كانت لأسباب تافهة كحرب البسوس، وحرب داحس والغبراء (?).