قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ) [البقرة: 199] فَالْعِلْمُ مُحِيطٌ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ لَمْ يُفِيضُوا مِنْ عَرَفَاتٍ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: "أَفَاضَ النَّاسُ" بَعْضَ النَّاسِ لَا جَمِيعَهُمْ، وَهَذَا بَابٌ طَوِيلٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ. وَخَبَرُ ابْنِ عُيَيْنَةَ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ أَلَا تَسْمَعُهُ قَالَ فِي الْخَبَرِ: وَكَانُوا بِضْعَ عَشْرَ مِائَةً، فَأَعْلَمَ أَنَّ جَمِيعَ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ، إِذِ الْبِضْعُ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى الْعَشْرِ، وَهَذَا الْخَبَرُ فِي ذِكْرِ عَدَدِهِمْ شَبِيهٌ بِخَبَرِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُمْ كَانُوا بِالْحُدَيْبِيَةِ أَرْبَعَ عَشْرَ مِائَةً، فَهَذَا الْخَبَرُ يُصَرِّحُ أَيْضًا أَنَّهُمْ كَانُوا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ، فَدَلَّتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي خَبَرِ ابْنِ إِسْحَاقَ: وَكَانَ النَّاسُ سَبْعَمِائَةِ رَجُلٍ، كَانُوا بَعْضَ النَّاسِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحُدَيْبِيَةِ لَا جَمِيعَهُمْ، فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، وَهَذِهِ الْأَدِلَّةِ قَدْ نَحَرَ عن بَعْضِهِمْ عَنْ كُلِّ عَشَرَةٍ مِنْهُمْ بَدَنَةً نَحَرَ عَنْ بَعْضِهِمْ عَنْ كُلِّ سَبْعَةٍ مِنْهُمْ بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً. فَقَوْلُ جَابِرٍ: اشْتَرَكْنَا فِي الْجَزُورِ سَبْعَةٌ، وَفِي الْبَقَرَةِ سَبْعَةٌ، يُرِيدُ بَعْضَ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ.

وَخَبَرُ الْمِسْوَرِ وَمَرْوَانَ: اشْتَرَكَ عَشَرَةٌ فِي بَدَنَةٍ أَيْ سَبْعُمِائَةٍ مِنْهُمْ وَهُمْ نِصْفُ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ لَا كُلُّهُمُ.

2908 - وَقَدْ رَوَى الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ عِلْبَاءَ بْنِ أَحْمَرَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:

كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ فَحَضَرَ النَّحْر فَاشْتَرَكْنَا فِي الْبَقَرَةِ سَبْعَةٌ، وَفِي الْبَعِيرِ عَشَرَةٌ.

ح وَثَنَاه أَبُو عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ؛ ح.

2909 - وَخَبَرُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فِي قَسْمِ الْغَنَائِمِ فَعَدَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَشَرَةً مِنَ الْغَنَمِ بِجَزُورٍ، كَالدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015