بَابُ الْأَمْرِ بِالسَّكِينَةِ فِي الْمَشْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَالنَّهْيِ عَنِ السَّعْيِ إِلَيْهَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الِاسْمَ الْوَاحِدَ يَقَعُ عَلَى فِعْلَيْنِ يُؤْمَرُ بِأَحَدِهِمَا، وَيُزْجَرُ عَنِ الْآخَرِ بِالِاسْمِ الْوَاحِدِ، فَمَنْ لَا يَفْهَمُ الْعِلْمَ، وَلَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ، قَدْ يَخْطِرُ بِبَالِهِ أَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ، قَدْ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي نَصِّ كِتَابِهِ السَّعْيَ إِلَى الْجُمُعَةِ فِي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] ، وَالنَّبِيُّ الْمُصْطَفَى قَدْ نَهَى عَنِ السَّعْيِ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةَ، وَالْوَقَارَ» ، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ، فَلَا تَسْعَوْا إِلَيْهَا، وَامْشُوا، وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ» ، فَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ بِالسَّعْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنِ السَّعْيِ إِلَى الصَّلَاةِ، فَالسَّعْيُ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ إِلَى الْجُمُعَةِ هُوَ الْمُضِيُّ إِلَيْهَا، غَيْرُ السَّعْيِ الَّذِي زَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِتْيَانِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ الَّذِي زَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْخَبَبُ، وَشِدَّةُ الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْوَقَارِ، وَالسَّكِينَةِ، فَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ غَيْرُ مَا زَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ الِاسْمُ الْوَاحِدُ قَدْ يَقَعُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَبَرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ، فَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةَ، وَالْوَقَارَ»