أَمْ لَا؟ إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ لَا أَجْعَلَ هَذِهِ الْبَنِيَّةَ "1" مِنِّي بِظَهْرٍ- يُرِيدُ الْكَعْبَةَ - وَإِنِّي أُصَلِّي إِلَيْهَا فَقُلْنَا: لَا تَفْعَلْ، وَمَا بَلَغَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِلَّا إِلَى الشَّامِ، وَمَا كُنَّا نُصَلِّي إِلَى غَيْرِ قِبْلَتِهِ، فَأَبَيْنَا عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَأَبَى عَلَيْنَا، وَخَرَجْنَا فِي وَجْهِنَا ذَلِكَ، فَإِذَا حَانَتِ الصَّلَاةُ صَلَّى إِلَى الْكَعْبَةِ، وَصَلَّيْنَا إِلَى الشَّامِ، حَتَّى قَدِمْنَا مَكَّةَ.

قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: قَالَ لِي الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ: وَاللَّهِ يا بن أَخِي قَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي مَا صَنَعْتُ فِي سَفَرِي هَذَا، قَالَ: وَكُنَّا لَا نَعْرِفُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُنَّا نَعْرِفُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَيْنَا بِالتِّجَارَةِ وَنَرَاهُ، فَخَرَجْنَا نَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَطْحَاءِ، لَقِينَا رَجُلًا فَسَأَلْنَاهُ عَنْهُ، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفَانِهِ؟ قُلْنَا: لَا وَاللَّهِ، قَالَ: فَإِذَا دَخَلْتُمْ، فَانْظُرُوا الرَّجُلَ الَّذِي مَعَ الْعَبَّاسِ جَالِسًا فَهُوَ هُوَ، تَرَكْتُهُ مَعَهُ الْآنَ جَالِسًا.

قَالَ: فَخَرَجْنَا حَتَّى جِئْنَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ مَعَ الْعَبَّاسِ، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِمَا، وَجَلَسْنَا إِلَيْهِمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ تَعْرِفُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ يَا عَبَّاسُ"؟ قَالَ: نَعَمْ، هَذَانِ الرَّجُلَانِ مِنَ الْخَزْرَجِ - وَكَانَتِ الْأَنْصَارُ إِنَّمَا تُدْعَى فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَوْسَهَا وَخَزْرَجَهَا- هَذَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ رِجَالِ قَوْمِهِ، وَهَذَا كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015