إن مقتضى هذه الحقائق يؤكد على أن جهد أبناء الدعوة ينبغي أن يتجه أولاً وقبل أي شيء، نحو الله سبحانه وتعالى لاستجلاب رضاه ومعيته وكفايته.
نعم، لا بد من بذل الجهد في دعوة الناس وإيقاظهم، وإقامة المشروع الإسلامي {وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ} [الحج: 78]، ولكن تبقى الحقيقة بأن الأمر كله لله {وَللهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [هود: 123].
لا تحزن إن الله معنا:
ولك أن تتصور رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مهاجر مع صاحبه أبي بكر رضي الله عنه، وإذ بكل قوى الباطل تتبعهم، حتى يصل المشركون إلى فم الغار، فيخاف أبو بكر خوفًا شديدًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعلى الدعوة، ويقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا نبي الله لو أن أحدهم طأطأ بصره رآنا .. إن قُتلتُ فإنما أنا رجل واحد، وإن قتلتَ أنت هلكت الأمة، ليفاجأ بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتأثر بهذه المخاوف، بل كان هادئ النفس، رابط الجأش، على ثقة مطلقة بالله عز وجل، وبدا ذلك واضحًا من إجابته على ما أثاره أبو بكر من مخاوف: اسكت يا أبا بكر، اثنان الله ثالثهما ... لا تحزن إن الله معنا .. (?).
نعم، أخي الحبيب، لا ينبغي علينا أن نحزن إن كان الله معنا {وَكَفَى بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللهِ نَصِيرًا} [النساء: 45].