لتردَّها إلى قبولِ الحق، وأوجبُ الأعداءِ مجاهدةً أقربُهم منك دُنُوًّا، وأخفاهم عنك شخصًا، وأعظمُ لك عداوةً، وهو إبليس.
قلت: فما ترى في الإنس بالناس؟
قال: إن وجدتَ عاقلاً مأمونًا، فَأْنَسْ به، واهربْ عن سائرهم كهربك من السباع.
قلت: فما أفضلُ ما أتقرَّبُ به إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ-؟
قال: تركُ معاصيه الباطنة.
قلت: فما بالُ الباطنةِ أولى من الظاهرة؟
قال: لأنك إذا اجتنبت الباطنة، بطلت الظاهرة والباطنة.
قلت: فما أضرُّ الطاعات لي؟
قال: ما نسيتَ بها مساوئَك، وجعلتَها نصبَ عينيك إدلالًا بها وأمنًا.
قال: وسمعتُه يقول: استكثرْ من الله -عَزَّ وَجَلَّ- لنفسِك قليلَ الرزق؛ تخلصًا إلى الشكر، واستقلِلْ من نفسك لله كثيرَ الطاعة؛ إزراءً على النفس، وتعرضًا للعفو، واستجلِبْ شدةَ التيقُّظ بشدة الخوف، وادفعْ عظيمَ الحرصِ بإيثارِ القناعة، واقطعْ أسبابَ الطمعِ بصحةِ اليأس؛ وسُدَّ سبلَ العُجْب بمعرفة النفس، واطلبْ راحةَ البدنِ بإجمام القلب، وتخلَّصْ إلى إجمام القلب بقلةِ الخلطاء، وتعرَّضْ لرقةِ القلبِ بدوام مجالسةِ أهل الذكر، وبادرْ بانتهاز البغيةِ عندَ إمكانِ الفرصة.
وبه إلى الإمامِ أبي الفَرَجِ: أنا أبو بكرٍ العامريُّ: أنا عليُّ بن