* أقول: وإن غلب الفساد، وعم سائرَ البلاد، فلا بد لها من أوتاد، يدفع الله بهم البلاء عن الناس، ويرفع بهم الشدة والبأس، ولو خلت من الصالحين، لخسف بنا وبهم أجمعين.
كما أخبرنا شيخنا زيدٌ المقرئُ قال: كان قد قَدِمَ علينا هذه المدرسةَ رجل غريب، فأقام مدةً، وكان في المدرسة -إذ ذاك- شرورٌ وقلاقل، فأردنا ننزله، فامتنع الناظر، ثم بعد مدة نزله، فلم يقبل، ولم يأخذ شيئًا من الخبز، ثم أقام مدة، ثم قال لي: يا شيخ! تدري حكايتي؟
قلت: لا.
قال: أنا في البلاد الفلانية -فذكر بلادًا بعيدة-.
قال: حدثتني نفسي: أنه ما بقي في الدنيا أحدٌ من الصالحين.
قال: ونحن نسمع بهذه المدرسة في بلادنا.
قال: فقلت في نفسي: إن كان قد بقي في الدنيا أحدٌ من الصالحين فهو في تلك المدرسة، فقمتُ وسافرت إليها، أَنظرُ هل أجد بها أحدًا من الصالحين؟
قال: فلما جئت، ورأيت هذه الشرورَ والقلاقل، قلت: ما بقي في الدنيا أحدٌ من الصالحين، فلما أنزلتموني، قلت لنفسي: أنتِ جئتِ في طلب شيء لم تجديه، فو الله! لا أطعمتك من هذه المدرسة شيئًا، فلم أقبل، ولم أُطعمها منه شيئًا.
قال: فلما كانت هذه الجمعة، نزلتُ فصليت في جامع الأموي،