الذنب، ويحكَ! هل تدري ما كان ذنبُ أيوبَ -عليه السلام-، فابتلاه الله -عَزَّ وَجَلَّ- بالبلاء في جسده، وذهاب ماله؟ إنما كان ذنبُ أيوبَ -عليه السلام- أنه استعان به مسكينٌ على ظلم يدرؤه عنه، فلم يُعنه، ولم يأمر بمعروف، ولم ينه الظالمَ عن ظلم هذا المسكين، فابتلاه الله -عَزَّ وَجَلَّ- (?).
وبه إلى الحافظِ أبي نعيمٍ: ثنا سليمانُ: ثنا عليُّ بن عبد العزيزِ: ثنا أبو نعيمٍ: ثنا سفيانُ الثوريُّ، عن ابن جُريجٍ، عن ابن أبي مُليكةَ، قال: قال ابن عباس: ذهبَ الناسُ، وبقي النسناس، قيل: وما النسناس؟ قال: الذين يتشبهون بالناس، وليسوا بالناس (?).
* هذا في زمنه، وفي زماننا: ذهب النسناسُ، وبقي الأنجاس، والخناسُ الذي يوسوس في صدور الناس.
وبه إلى أبي نعيمٍ: ثنا عمرُ بن أحمدَ: ثنا عليُّ بن محمدٍ: ثنا محمدُ بن إسماعيلَ: ثنا أبو نعيمٍ: ثنا شريكٌ، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ، عن عبد الله بن عباسِ، قال: يأتي على الناس زمانٌ يعرج فيه بعقول الناس، حتى لا تجد فيه أحدًا ذا عقل (?).
وقد روينا في "المسند"، في كثرة القتل، حتى يقتل الرجل أخاه، وحتى يقتل الرجلُ ابن عمه، قالوا: يا رسول الله! وعقولُنا معنا؟ قال: "لا، تَذْهَبُ عُقُولُ أَكْثَرِ النَّاسِ، فَيَصِيرُونَ أَجْسَادًا لا عُقُولَ