فإن قام أحدهم يصلي أو يتصدق، قالوا: مُراءٍ، وإن تكلم بالحق، بُغض ومُقت.
وإن خفيت هذه الزينةُ الربانيةُ عن حزب الشيطان، فهم أطباءُ الخلق على الحقيقة، وحكماءُ الناس على الطريقة.
أخبرنا جماعةٌ من شيوخنا: أنا ابن البالسيِّ: أنا المِزِّيُّ: أنا ابن أبي عمرَ، وابن البخاريِّ: أنا الإمامُ أبو الفَرَجِ: أنا حمدُ بن أحمدَ: أنا أحمدُ بن عبد الله: ثنا أبو الحسنِ أحمدُ بن محمدٍ: ثنا العباسُ ابن يوسفَ: حدثني محمدُ بن عبد الملكِ، قال: قال عبد الباري: قلتُ لذي النونِ: صفْ في الأبدالَ، فقال: إنكَ لتسألُني عن دياجي الظُّلَم لأكشفَها لك، عبد الباري! هم قوم ذكروا الله بقلوبهم تعظيماً لربهم لمعرفتهم بجلاله، فهم حُجج الله على خلقه، ألبسهم النورَ الساطعَ من محبته، ورفعِ لهم أعلامَ الهداية إلى مواصلته، وأقامهم مقامَ الأبطال لإرادته، وأفرغ عليهمُ الصبرَ عن مخالفته، وطهَّر أبدانَهم بمراقبته، وَطيَّبَهم بطيب أهل معاملتِه، وكساهم حُللاً من نسج مودَّته، ووضعَ على رؤوسهم تيجانَ مسرَّته، ثم أودعَ القلوبَ من ذخائرِ الغيوبِ، فهي معلَّقة بمواصلته، فهمومُهم إليه ثائرة، وأعينُهم إليه بالغيب ناظرة. قد أقامَهم على باب النظر من قربه، وأجَلسَهم على كراسي أطباءِ أهلِ معرفته. ثم قال لهم: إن أتاكم عليلٌ من فقدي، [ف] آووه، أو مريضٌ من شوقي، فعالجوه، أو خائف مني، فأَمِّنوه، أو آمنٌ من بَطْشي، فَحَذِّروه، أو راغبٌ في مواصلتي، فَمَنُّوه، أو راحلٌ نحوي، فزوِّدوه، أو جبانٌ عن متاجري، فشجِّعوه، أو آيسٌ من