الرجوع إلى الدين الصحيح، ونادى بالعمل بالعلم والتعمق فيه وفهم الحياة فهما عقليا، وكشف أحوال المتاجرين باسم التصوف، الصائدين في الماء العكر، أولئك الذين لا هم لهم إلا ملء الجيوب والبطون، وتكثير الأتباع والخدم، عن طريق تضليل عقول العامة والتواطىء مع الخاصة ونصرة الظلمة والمستبدين، وكان الفكون يقوم بهذه الحملة بالدرس في المسجد، والتأليف والمراسلة، والإفتاء.

وقد ناله من ذلك الأذى الكبير، وقلته، كما قال، القلوب والعيون، وتآمر عليه المتآمرون. ولكنه صمد وواجه، لأنه كان يعتبر ذلك من الجهاد في سبيل الله. ومن الآثار التي تركها في هذا الغرض عدة تآليف ورسائل، بعضها ما يزال، لحسن الحظ، موجودا، وبعضها أصبح في حكم المفقود. وقد اطلعنا على بعض هذه الآثار، مثل (منشور الهداية في كشف حال من ادعى العلم والولاية) و (محدد السنان في نحور إخوان الدخان)، ومثل رسائله إلى بعض الأصدقاء المعاصرين له، كما اطلعنا على جزء من ديوانه في المديح النبوي، ونسخة من كتابه في علم الصرف. وكل هذه الآثار تدل على أن الرجل كان يناضل وحده ضد قوى الشر والجمود والطغيان. ومن المفيد أن يقارن الباحثون بين آرائه وآراء الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي ظهر بعد الفكون بحوالي قرن، وآراء دعاة التجديد واليقظة الإسلامية أمثال محمد بن العنابي ورفاعة الطهطاوي وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده بعد حوالي قرنين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015