كمعظم علماء وكتاب كل عصر، غير راض بالحالة العلمية التي عليها بلاده بل العالم الإسلامي بأسره. فقد كان يرى شيوع الجهل والانحطاط الأخلاقي وموت الضمير في معظم من خالط وما رأى. وهذه بعض الجمل التي توضح ذلك: فلان له بله في طريقة الدنيا. فلان سجن في مال أو مغرم من دار الأمارة أو له علاقة بالولاة. فلان اعتراه خبل في عقله آخر عمره أفضى إلى سجنه. فلان لا باع له في العلم غير أن شهرة أسلافه أورثته المنصب. فلان من أهل عصره الذين لا باع لهم في العلم إلا التشبه بالمناصب. فلان يداعب الكبار والصغار ويحب التهاتر. فلان مات في السجن عن مغرم لوالي قسنطينة. فلان قرأ على فلان إلا أنه لم يتقن ما قرأ عليه. فلان له فصاحة القلم دون اللسان. فلان يطرز فتواه بحكايات ونقول وتوجيهات حتى يظنها الظان أنها صواب. فلان كان يأخذ الأجر على فتواه. فلان اعتراه بعض النقص في إدراكه ويقال أن ذلك من أجل أكله حشيشة البلادر ولم يتقن صنعته. فلان كان كثير البحث عن الكنوز واستخدام الروحانيات. فلان شكت منه العامة وقلته الخاصة. فلان كان أمي الخطاب والكتابة لا يعرف طريق الخط ولا يحسن الوسم غير عارف بالهجاء. فلان كان عامي القلم والفكر لا يعرف ما يصلح به وضوءه وصلاته فلان يده منطلقة بالأخذ من أهل البادية وأهل البلد طعاما وعينا إلخ.
ورغم نقد الفكون لأفراد من عائلة ابن باديس بالذات بنفس هذا الأسلوب الذي سقناه فإنه قال في جملتهم هذه العبارة الهامة: (وناهيك بهم من دار إصلاح وعلم وعمل وكيف