ومنها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (انتدب الله لمن خرج في سبيله، لا يخرجه إلا إيمان بي وتصديق برسلِى) (?).
قلت: تضمني هذا الحديث ضمير غيبة مضافا إليه "سبيل" وضميري حضور، أحدهما في موضع جر بالباء، والآخر في موضع جر بإضافة "رسل".
وكان اللائق في الظاهر أن يكون بدل الياءين هاءان، فيقال: انتدب الله لمن خرج في سبيله، لا يخرجه إلا إِيمان به وتصديق برسله. فلو قيل هكذا لكان مستغنيا عن تقدير وتأويل.
لكن مجيئه بالياء يحوج إلى التأويل (?)؛ لأن فيه خروجًا من (?) غيبة إلى حضور، على تقدير اسم فاعل من "القول" منصوب على الحال، محكى به النافي والمنفي وما يتعلق به. كانه قال: انتدب الله لمن خرج في سبيله قائلاً: لا يخرجه إلا إِيمان بي وتصديق (?) برسلي.
والاستغناء بالمقول النائب (?) عن القول المحذوف، حالًا وغير حال كثير.
فمن حذفه وهو حال قوله تعالى {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} (?). أي: قائلين ربنا تقبل منا. ومثله {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ} (?) أي: قائلين سلام عليكم. ومثله