والأمر الرابع- إثبات المحقق زيادات في المتن من غير أن ينبه عليها. وظهرت أكثرها في عنوانات الأبحاث وتسلسلها؛ لأن ابن مالك لم يضع شيئًا منها لكتابه كما دلت المخطوطات. وكانت العنوانات غير دقيقة أحيانا؛ لأنها لم تنبى عن حقيقة البحوث، ولم تحددها بصورةٍ جامعة. وهي إلى ذلك تضمنت أخطاءً علمية ولغوية، مع اضطراب ترتيبها أحيانًا، وعدم جريانها على سنن واحد في البحوث من حيث الطول ومن حيث المادة.
وقد نبهت على أكثر ما وقع في المطبوعة من التحريف والوهم في مقال لي (?) كانت الغاية منه خدمة الكتاب، وبيان حقيقة نشرته، ليكون الباحثون على بينة من الأمر، ولكيلا يقعوا في أخطاء ليسوا عارفين بها, ولا ينسبوا إلى ابن مالك مالا يرتضيه من آراء (?).
فالنص الصحيح والاستنباط الدقيق متلازمان في البحث العلمي تلازم الروح والجسد، لا يستغني أحدهما عن الآخر. وكم من رأي ضعيف نُسب إلى عالم بسبب الاعتماد على كتاب لم تتوفر له الخدمة عند التحقيق والطبع.
ومن هنا وجدت الأسباب داعية إلى اعادة تحقيق هذا السفر النفيس بعدما توفر من مخطوطاته مايوجب القيام بالعمل. ودفعني إلى ذلك أكثر انقضاء ما يزيد على ربع قرن على صدور نشرة المرحوم محمَّد فؤاد عبد الباقي. وخلال هذه الفترة طبعت جملة من مصنفات ابن مالك، وظهرت أصول جديدة، ومراجع متعددة في الدرس النحوي وشواهده، يمكن الركون إليها في تخريج الآراء والنصوص، وضبط الشواهد، لكي يخرج النص بالمنزلة التي تليق به.
قدمت بين يدي" شواهد التوضيح" دراسةً ابتدأتها بتحقيق اسم الكتاب،