ومنها قول أُم حارثة رضِي الله عنها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فإن يك في الجنة أصبر وأحتسب، وإن تكن الأخرى ترَى ما أصنع) (?).
وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - (فإما لا فلا تبايعوا حتى يبدوَ صلاح الثمر) (?).
قلت: حق الفعل إذا دخلت عليه "إنْ" وكان ماضيا بالوضع أو بمقارنة، "لم" أن ينصرف إلى الاستقبال، نحو {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ} (?) و {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ} (?).
وإن كان قبل دخول "إنْ" صالحًا للحال والاستقبال تخلص له بدخولها، نحو {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (?).
وقد يراد المضي بما دخلت عليه "إن" فلا يتأثر بها. ويستوي في ذلك الماضي بالوضع، نحو {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ} (?)، والمضارع، نحو {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} (?).
ومنه "فإن يك في الجنة أصبرْ وأحتسبْ".
والأصل: يكون، ثم جزم فصار "يكنْ"، ثم حذفت نونه لكثرة الاستعمال، فصار"يك".
وهذا الحذف جائز لا واجب. ولذلك جاء الوجهان في كتاب الله تعالى، نحو {وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (?)، {وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا} (?).