ومنها قول أبي شريح الخزاعي (?) (سمعتْ أُذناي وأبصرت عيناي النبي - صلى الله عليه وسلم - حين تكلم) (?).
قلت: في هذا الحديث تنازعُ الفعلين مفعولا واحد!، وأيثار الثاني بالعمل، أعني "أبصرت". لأنه لو كان العمل ل "سمعتْ" لكان التقدير: سمعت أذناي النبي - صلى الله عليه وسلم -. وكان يلزم على مراعاة الفصاحة أن يقال: "وأبصرته". فإذا أُخر المنصوب وهو مقدم في النية بقيت الهاء متصلة ب "أبصرتْ" ولم يجز حذفها. لأن حذفها يوهم غير المقصود.
فإن سُمعَ الحذفُ، مع العلم بأن العمل للأول، حكم بقبحه (?) وعُد من الضرورات.
ومن تنازع الفعلين وجعل العمل للثاني قوله تعالى [19و]: " {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} (?).ً
وفي الحديث المذكور شاهد على أنه قد يتنازع منصوبًا واحدا فعلا فاعلين متباينين، فيستفاد من "سمعت اذناي وأبصرت عيناي النبي - صلى الله عليه وسلم - " جواز: أطعم زيد وسقى محمَّد جعفرا.
وأكثر النحويين لا يعرفون هذا النوع من التنازع. ونظيره قول الشاعر (?):
136 - أصبت سعادُ وأضنت زينب عمرا ... ولم ينل منهما عينا ولا أثرا