ومنها قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ما العملُ في أيام أفضلَ منها في هذه الأيام) (?)
قالوا: "ولا الجهاد في سبيل الله؟ " قال: "ولا الجهاد (?) إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء).
قلت: في هذا الحديث (?) اشكال من جهتين:
إحداهما- عود ضمير مؤنث في "منها" إلى "العمل" وهو مذكر (?).
والثانية- استثناء "رجل" من "الجهاد" وابداله منه، مع تباين جنسيهما.
فأما الأول فوجهه (?) أن الألف واللام في "العمل"لاستغراق الجنس، فصار بهما فيه عموم مصحح لتأوله بجمع، كغيره من أسماء الأجناس (?) المقرونة بالألف واللام الجنسية. ولذلك (?) يستثنى منه، نحو {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} (?) ويوصف بما يوصف به الجمع، كقوله تعالى: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} (?). وكقول بعض العرب (أهلك الناس الدرهمُ البيض والدينار الحمر) (?).
فكما جاز أن يوصف بما يوصف به الجمع لما حدث فيه من العموم كذلك يجوز أن يعاد إليه ضمير كضمير الجمع، فيقال: الدينار بها هلك كثير من الناس؛ لأنه في تأويل الدنانير. و (ما العمل في أيام أفضل منها في هذه الأيام؛ لأنه في تأويل الأعمال.