دوافع تأليف الكتاب

بعد أن هاجر ابن مالك من الأندلس وإستقر بدمشق، اشتهر بنبوغه وتمكنه من الدراسات اللغوية والنحوية. فطلب إليه فضلاء المحدثين والحفاظ أن يوضح ويصحح لهم مشكلات ألفاظ وروايات وردت في كتاب "الجامع الصحيح" لأبي عبد الله البخاري المتوفى سنة 256 هـ. فأجابهم إلى ذلك، ووضحها وصححها في أحد وسبعين مجلسًا. (?)

وفي ذلك يقول ابن مالك (وكان السماع بحضرة جماعة من الفضلاء، ناظرين في نسخ معتمد عليها، فكلما مر بهم لفظ ذو إشكال بينت فيه الصواب، وضبطته على ما اقتضاه علمي بالعربية، وما افتقر إلى بسط عبارة، وإقامة دلالة أخرت أمره إلى جزء أستوفي فيه الكلام مما يحتاج إليه من نظير وشاهد، ليكون الانتفاع به عامًا، والبيان تامًا إن شاء الله تعالى). (?)

ومن هذا الكلام نفهم أن "شواهد التوضيح" هو الجزء الذي قام يستوفي الكلام فيه على ما يحتاج إلى شاهد ونظير.

ولكن الذى ينعم النظر فى مباحث الكتاب يستطيع ان يضيف دافعًا آخر، وهو تصدِّي ابن مالك لمناقشة مسائل كانت في الغالب محل خلاف بين النحاة، وأنه رغب في أن يسدّ خللًا رآه في مناهج الذين لم يستقروا الكلام العربي كما يجب، أو اطرحوا كثيرًا من الشواهد النثرية الفصيحة، ولاسيما التي احتفظت بها كتب الحديث وكتب غريبه، فلم يكن له يدّ من تصحيح ما ذهبوا إليه، منطلقا من نصوص "البخاري"، لما له من إحترام وإكبار في نفوس المسلمين.

وأرى أيضًا أن المؤلف حاول أن يقرر مسائل نحوية لم يتسنَّ له ان يضم أكثرها إلى أبواب كتب النحو ذات المنهج التقليدى المعروف، فأدرجها في هذا المصنف. ومنها موضوعات تتصل بعلم المعاني، مثل مسائل الاستفهام والجواب وعود الضمائر ومعاني الحروف وغيرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015