وكانت الصيدليات خاضعة لتفتيش حكومي دقيق، فقد كان يراقبها موظفون من مصلحة الصحة، كما كانت تخضع في نفس الوقت لرقابة التموين وهي الرقابة التي كانت تشرف أيضًا على الطحانين والخبازين وتجار البن ومحلات المواد الغذائية مطالبة بمراعاة النظافة: نظافة المحال والأواني، وجودة البضاعة ودقة الموازين والمكاييل واللحوم في المذابح الواقعة خارج المدن والجزارة تجنبًا لوقوع تسمم في الأغذية أو انتشار وباء. وعند تحضير الأدوية يجب على الصيدلي أن ينفذ التعليمات المطلوبة بكل دقة، فهو مقيد بقوانين رسمية تتصل بالتحضير والمواصفات الطبية لأمثال: ماسويه وسابور بن سهل والعنتري وابن التلميذ وآخرين.
إن مراعاة القواعد الصحية والصحة العامة صورة مثالية احتذتها أوربا ففي الشرق نجد التعليمات الخاصة بتأسيس المستشفيات وتنظيمها والعناية بها خيرًا ألف مرة من مثيلاتها في أوربا، والتي أمر البابا جماعة روح القدس بتشييدها. أما موضوع تنظيم جماعة الأطباء والصيادلة فقد وضع في أيدي رجال يقظين حريصين مدركين لحاجة المرضى، كما أدركوا مباشرة الفوائد والمنافع الجليلة للتقدم العربي، ولم تحل العقائد الدينية دون إدراك هذا كما أن هذه العقائد لم تغلق عقولهم.
وحصل اللقاء في صقلية التي خضعت لحكم العرب مدة لا تقل عن 250 سنة، لذلك أدخل العرب إلى البلاد الأنظمة والقوانين واستقرت في البلاد، ولما جاء الملك النورماني روجر الثاني دعم وثبت ما وجده. ففي عام 140 أصدر قانونه الخاص باعتبار الأطباء، كما فعل من قبل الخليفة المقتدر في بغداد لكيلا تتعرض حياة الرعية للخطر لجهل الأطباء أو قلة خبرتهم.
وفي عامي 1231 و 1240 قيل عن القيصر فريدريش الثاني بعد أن استقر له الأمر إنه يفهم كل داء وكل دواء، لذلك كان في نشراته الطبية يرمي إلى إقرار جميع القوانين والأنظمة التي كانت سائدة بين الأطباء والصيادلة العرب المستوطنين في مملكته في صقلية.
وهذه المنشورات هي غالبًا تكرار لقوانين روجر الخاصة بامتحان الطبيب على يد مجلس من المدرسين في سالرنو، ومبالغة في جودة التحصيل زادت مدة الدراسة