جادًا في إقامة الحواجز بين الأوربيين والشعوب الأخرى إذ ينظر الغربي إليهم كما لو أنهم مجرمون وثنيون وسحرة. ومن آثار هذه النظرة أيضًا هذا النزاع الذي نشب، في عصرنا هذا، حول نشأة الغزل الغنائي، فالمتعصبون من الأوربيين يشق عليهم الاعتراف بالفضل لصاحبه، وأن يقولوا إن هذا الفن عربي الأصل. أليس من العجيب حقًا أن تظهر هذه النعرة في القرن العشرين؟ !

إن هذه النظرة الأوربية دليل على ضيق أفق الغربيين وخشيتهم قول الحق والاعتراف للعرب بفضلهم، وبخاصة أنهم غيروا وجه العالم الذي نعيش فيه.

إن هذا الكتاب يتحدث عن «العرب» و «الثقافة العربية» لا عن الإسلام. وذلك لأن نقرأ من غير المسلمين قد ساهموا في هذه الثقافة إلا أن هؤلاء كانوا عربًا، وقد وضعوا كتبًا عارضوا فيها الملتزمين من المسلمين، كما أن كثيرًا من صفات الحياة العقلية العربية يحمل طابع العصر الجاهلي.

ثم لا يفوتنا أن نذكر أن هؤلاء العرب الذين ذكرهم هيرودوت والذين بسطوا سلطانهم على شعوب كثيرة، مهدوا للمغلوبين الطريق للاندماج في المجتمع العربي لغة وأدبًا وعلمًا ودينًا، وأصبح الخلق العربي والطبيعة العربية والثقافة العربية والعقيدة الإسلامية مثالًا يحتذى.

إن هذا الكتاب يتحدث عن الثقافة العربية كما نتحدث الآن عن الثقافة الأمريكية، ولا يطلق على عالم مثل الرازي أو ابن سينا أنهم من أبناء الفرس؛ وذلك لأنهما انحدرا من أسر عاشت أجيالًا متعاقبة في المجتمع العربي وتثقفوا ثقافة عربية إسلامية، ومثل هذا النوع من الرجال مثل «دويت د. إيزنهاور» إنه أمريكي ولا يمكن أن يقال عنه إنه ألماني.

إن هذا الكتاب يهدف أيضًا إلى تقديم شكر كان يجب أن يُقدم إلى العرب منذ عصور قديمة، فالألمان يدينون للعرب بالشيء الكثير، وليست اللغة الألمانية بمستثناة. هذا، مع الإشارة إلى أننا لا ننكر آثار الشعوب الأخرى كاليونان والرومان والصينيين والهنود.

إن الأيدي التي نسجت هذا النسيج كثيرة تستحق الشكر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015