وقد بلغتُ في هذا التَّصْنيفِ من الإِيجازِ والاخْتِصار جَهْدي، وأتَيْتُ بأقْصَى الغايةِ مما عِنْدي، لأنَّه لا يُحِيطُ بعلْمِ اللغةِ وسائرِ العُلُوم غيرُ الواحِدِ الحيِّ القَيُّوم. وهي كلماتُ اللّاهِ- عَزَّ وَجلَّ- التي لا تَنْفَد، وأسْماءُ معلوماتِهِ التي لا تَنْعدّ؛ ولا يقدرُ عالِمٌ من البَشَر أن يُحْصي لها عَدَداً، ولو بالغَ في ذلكَ مُجْتَهِداً، لقوله تعالى: قُلْ لَوْ كاانَ الْبَحْرُ مِدااداً لِكَلِمااتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمااتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْناا بِمِثْلِهِ مَدَداً (?).
وقد اخْتَرْتُ من ذلكَ نَزْراً قَلِيلًا من كَثير، وآثَرْتُ ما اسْتَحْسَنْتُ على كُلّ أَثِير. وما أُبَرِّئ نَفْسِي من الخَطأ والزَّلل، ولا أعْتَلّ لخَطَئي بسَقيمِ العِلل، لأنَّه لا يَسلَمُ من الجَهْلِ والخَطأِ أحدٌ منَ البَشَر، وفي هذا بلاغٌ في العُذْرِ لمن اعْتَذَر.
فمَنْ وقف على كتابِي هذَا من العُلماءِ الموثُوقِ بعِلْمِهم، ومعْرِفَتهم وفَهْمِهم، ووجدَ فيه كلمةً في غَيْرِ مَوْضِعها فلْيَرُدَّها إِلى مكانِها، بنَقْطِها وحرَكَاتِها وأَوْزانِها، ولْيُشارِكْني في ثَوابِها بتركِها في مَوْضِعها وبابِها، أوِ استَحْسَنَ كلمةً من كلامِ العَرَبِ لم يجدْها في هذا الكتابِ فلْيُلْحِقْها بما يُشاكِلُها منَ الأَبواب، ولْيطلبْ ما عِنْدَ اللّاه منَ الثّواب.
ومَنْ وقَفَ على كِتابِي هذا من الكُتَّاب والقُرَّاءِ فلا ينسَ مُصَنِّفَه منَ الدُّعاء. غَفَر اللّاهُ- تَعَالى- لنَا وللمُؤمنينَ أجْمَعين، وأعانَنا على ما يُرْضِيه، وهو خيرُ مُعين.