حَصَرَ الإِمامةَ في قُريشٍ مَعْشَرٌ ... هُمْ باليَهُودِ أحَقُّ بالإِلْحاقِ

جَهْلًا كَما حَصَرَ اليَهودُ ضَلالةً ... أمَر النُّبُوَّة في بَنِي إِسْحاقِ

ولما شاع أمر نشوان، وعُرف رأيه في مسألة الإِمامة، التفت حوله جموع من الناس وخاصة من (المطرفية) وبعض زعمائها، ورأوا فيه الرجل الأصلح لتولي مقاليد الحكم، طبقاً للمذهب الزيدي الهادوي المتحرر من قيد حصْر حق الإِمامة في سلالة الحسن أو الحسين.

وحفزه هذا الالتفاف والتأييد على الدعوة إِلى نفسه، فأعلن دعوته من مقره في وادي صَبَر من أرض قبيلة جماعة في أكناف صعدة.

ولعل نشوان شعر منذ البداية، أنه دعا إِلى نفسه في وسط اجتماعي غير مناسب لهذه الدعوة، وأنه حاول أن يغرس شجرة مبادئه في بيئة طبيعية غير صالحة لنموها وإِيتاءِ ثمارِها، فوادي صَبَر يقع في أكناف صعدة المنشبعة بالمذهب (الزيدي الهادوي) بشرطه الذي يحصر الإِمامة ويقصرها على الداعي بها لنفسه من أبناء البطنين، ولهذا نجد نشوان يبارح المنطقة عبر الجوف ليصل إِلى مأرب ويخطب فيها الجمعة داعياً إِلى نفسه، ثم يتوجه إِلى بيحان فيلقى فيها تأييداً أكبر، قال عُمَارة اليمني في تاريخه ص (303):

«بلغني أن أهل بيحان ملكوه عليهم»، وعُمَارة مؤرخ وشاعر معاصر لنشوان، ولكنه لم يورد المزيد من التفاصيل حول دعوة نشوان إِلى نفسه لأنه لم يلتق به وإِنما عاش في زبيد وعدن ثم غادر اليمن إِلى مصر كما هو معروف.

ولو خاض عُمَارة في هذه القضية لكان هو المؤهل لتوضيح هذا الأمر، وإِنصاف نشوان، ورسم الصورة الحقيقية في هذا الصدد.

أما المؤرخون الآخرون من المعاصرين لنشوان وممن جاؤوا بعده، فأكثرهم كانوا من الموالين للإِمامة بشروطها الهادوية الزيدية المعروفة، ومن بقي منهم كان له ولاء لهذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015