حسن تعامل النبي مع خادمه، يؤخذ ذلك من حب الخادم له، حيث طلب مرافقته في الجنة، ويؤخذ أيضا من ملاطفة الرسول لخادمه، فهو يطلب منه أن يسأله ما يشاء، ويكرر عليه السؤال ليستزيد الخادم.
أن دخول الجنة يحتاج إلى عمل، وإلى مجاهدة النفس، وأرجى وسيلة للمجاهدة هي كثرة السجود، لأن العبد أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد.
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: (أنكحني أبي امرأة ذات حسب، فكان يتعاهد كنّته (?) فيسألها عن بعلها فتقول: نعم الرّجل من رجل، لم يطأ لنا فراشا ولم يفتّش لنا كنفا (?) منذ أتيناه. فلمّا طال ذلك عليه ذكر للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: القني به، فلقيته بعد. فقال:
«كيف تصوم؟» قال: كلّ يوم. قال: «وكيف تختم؟» قال: كلّ ليلة. قال: «صم في كلّ شهر ثلاثة، واقرأ القرآن في كلّ شهر» . قال: قلت: أطيق أكثر من ذلك. قال: «صم ثلاثة أيّام في الجمعة» . قلت: أطيق أكثر من ذلك. قال: «أفطر يومين وصم يوما» . قال: قلت: أطيق أكثر من ذلك. قال: «صم أفضل الصّوم، صوم داود صيام يوم وإفطار يوم، واقرأ في كلّ سبع ليال مرّة» . قال عبد الله: فليتني قبلت رخصة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وذاك أنّي كبرت وضعفت، فكان يقرأ على بعض أهله السّبع من القرآن بالنّهار والّذي يقرؤه يعرضه من النّهار ليكون أخفّ عليه باللّيل، وإذا أراد أن يتقوّى أفطر أيّاما وأحصى وصام مثلهنّ كراهية أن يترك شيئا فارق النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عليه) (?) .
قول الراوي: (كراهية أن يترك شيئا فارق النبي صلّى الله عليه وسلّم عليه) .
لم يعظم الصحابة النبي صلّى الله عليه وسلّم فحسب بل عظموا كل شيء يخصه، وتعدى الأمر إلى أن عظموا كل ما التزموا به أمامه من العبادات أو الأعمال التي فارقهم- بموته صلّى الله عليه وسلّم- وهم يحافظون عليها. وهذا المسلك منهم رضي الله عنهم يدعو- والله- إلى التدبر والتفكر في أدبهم وإجلالهم للنبي صلّى الله عليه وسلّم ويتضح ذلك من: