كما يؤخذ من الحديث تواضعه صلى الله عليه وسلم حيث كان يأكل من الهدية. فعن أبي هريرة أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أتي بطعام سأل عنه فإن قيل: هديّة أكل منها وإن قيل: صدقة لم يأكل منها. (رواه مسلم) (?) .
عن عائشة رضي الله عنها أنّ أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم حين توفّي رسول الله صلى الله عليه وسلم أردن أن يبعثن عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهنّ، فقالت عائشة: أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا نورث ما تركنا صدقة» (?) .
قوله صلى الله عليه وسلم: «لا نورث ما تركنا صدقة» ومقصود الجمع في قوله صلى الله عليه وسلم: «لا نورث» أي:
نحن معاشر الأنبياء.
عدم توريث الأنبياء من الأمور التي حفظ الله بها أعراض الأنبياء من الطعن والذم في حياتهم، وحفظ بها أهل قرابتهم بعد مماتهم من التطاحن والاختلاف.
وعدم التوريث من الأمور التي كانت بلا شك تضيقا في الظاهر على قرابة الأنبياء، ولكن الله عز وجل عوضهم عن ذلك ما هو أعظم بركة وأجرا وذكرا في الدنيا والآخرة، قال الإمام النووي- رحمه الله- (قال العلماء: الحكمة في أن الأنبياء صلوات الله عليهم لا يورثون أنه لا يؤمن أن يكون في الورثة من يتمنى موته- أي النبي صلى الله عليه وسلم فيهلك؛ ولئلا يظن بهم الرغبة في الدنيا لوارثه فيهلك الظان، وينفر الناس عنه) (?) .
في الحديث دليل على فقه عائشة رضي الله عنها، وسعة حفظها واطلاعها على ما لم يطلع عليه غيرها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، والدليل على ذلك أنها احتجت بما سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم في المسألة، وهي فضيلة ظاهرة لعائشة رضي الله عنها.
ليس هناك حرج أن يطلب المسلم (مهما علا قدره في الدين والعلم