- لحابى أحب الخلق إليه محمدا صلّى الله عليه وسلّم، فإذا لم يحدث شيء من هذا بل وجه إليه مثل هذا الخطاب القرآني، فمن باب أولى نعلم أنه- سبحانه وتعالى- لن يحابي أحدا ممن هو دونه صلّى الله عليه وسلّم، وكل الخلق دونه صلّى الله عليه وسلّم.
ويتفرع على ذلك التهديد الشديد والوعيد الأكيد لكل من يتجرأ بالكذب على الله- سبحانه وتعالى- ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، فعلى كل مسلم أن يتقي الله في كل ما يفتي به في دين الله عز وجل- وأن يجعل هذه الآية نصب عينيه.
قال تعالى: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ [يس: 69] .
الآية الكريمة تدل على أن الله- سبحانه وتعالى- هو الذي علم النبي صلّى الله عليه وسلّم القرآن وغيره من الوحي حيث نفت الآية أن الله علم النبي صلّى الله عليه وسلّم الشعر، فنفي تعليم الشعر، يثبت أنه- سبحانه وتعالى- هو الذي تكفل بتعليمه، لأنه لو كان أحد غير الله هو الذي يعلم نبيه صلّى الله عليه وسلّم لأثبت له عدم تعليم النبي صلّى الله عليه وسلّم الشعر، أما قوله تعالى: عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى (6) ، فهو جبريل عليه السّلام، فلا تنافي بين هذه الآية وما ذكرته آنفا حيث إن جبريل علم النبي صلّى الله عليه وسلّم الوحي الذي أنزله الله- تبارك وتعالى- على نبيه صلّى الله عليه وسلّم، فنسبة التعليم إلى الله عز وجل- من حيث إنه هو الذي أنزل على عبده الوحي، ونسبته إلى جبريل من حيث إنه هو الذي باشر إنزال الوحي، بإذن الله وعلمه.
من طعن في شيء من السنة الصحيحة، فقد طعن في الله- عز وجل-، لأنه هو الذي علم النبي صلّى الله عليه وسلّم الوحي كله، قرآنا وسنة.
لا يليق بشخص النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولا يناسب دعوته تعلّم الشعر، قال الإمام القرطبي رحمه الله: (ما ينبغي للنبي صلّى الله عليه وسلّم أن يقول الشعر، وجعل الله- عز وجل- ذلك علما من أعلام نبيه عليه السّلام لئلا تدخل الشبهة على من أرسل إليه، فيظن أنه قوي على القرآن بما في طبعه من القوة على الشعر) «1» .
ويتفرع على ذلك أن كل ما تكلم به النبي صلّى الله عليه وسلّم من كلام موزون- وهو قليل- ليس