حبا الله- سبحانه وتعالى- المسجد النبوي الشريف، على صاحبه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، بخصال لم يشاركه فيها مسجد سوى المسجد الحرام كما سيأتي تفصيلا.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا تشدّ الرّحال إلّا إلى ثلاثة مساجد:
المسجد الحرام، ومسجد الرّسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد الأقصى» (?) .
الحث على شد الرحال- أي السفر- إلى المساجد الثلاثة المذكورة وأن هذه المساجد هي مساجد مفضلة عن بقية مساجد الأرض، ولها من التعظيم ما ليس لغيرها، قال ابن حجر رحمه الله: (في هذا الحديث فضيلة هذه المساجد ومزيّتها على غيرها لكونها مساجد الأنبياء ولأن الأول قبلة الناس وإليه حجهم، والثاني كان قبلة الأمم السالفة، والثالث أسّس على التقوى) . انتهى (?) .
ويشير الحافظ ابن حجر بقوله: (أسس على التقوى) إلى ما ورد عند مسلم، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن قال: مرّ بي عبد الرّحمن بن أبي سعيد الخدريّ قال: قلت له: كيف سمعت أباك يذكر في المسجد الّذي أسّس على التّقوى؟ قال: قال أبي: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت بعض نسائه فقلت: يا رسول الله أيّ المسجدين الّذي أسّس على التّقوى؟ قال: فأخذ كفّا من حصباء فضرب به الأرض، ثمّ قال: «هو مسجدكم هذا» لمسجد المدينة (?) .
هل شد الرحال إلى غير هذه البقاع- من مسجد وغيره- محرم شرعا؟، فيه نزاع كبير بين العلماء ليس هذا موضع سرده، ولكن الأرجح من أقوال العلماء أن معنى الحديث: أنه لا تشد الرحال إلى مسجد للصلاة فيه إلا الثلاثة المذكورة، ويا بنى على ذلك أمران: الأول: جواز السفر إلى أي بقعة في الأرض لغرض التجارة وصلة الرحم، وطلب العلم وغير ذلك من المباحات أو المندوبات، الثاني: أنه لا يجوز السفر إلى أي مسجد من