في جميع أقواله وأفعاله وأحواله، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو ردّ» (?) ولهذا قال: «قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ» (?) . وفي الآية أن الشرط الوحيد لإثبات حب العبد لله، وما يترتب عليه من حب الله، هو الاتباع، فإن قال قائل: كيف يكون هو الشرط الوحيد، فالجواب من جهتين:
أن النص الذي معنا هو النص الوحيد، الذي اشترط المتابعة لنيل حب الله عزّ وجلّ، ولو كان هناك شرط آخر، أو سبيل آخر للفوز بحب الله لبينه- سبحانه وتعالى-.
أن كل عمل يحب الله عامله، مثل إقامة الصلاة وبقية فروع الشريعة، لن يتقبله الله عزّ وجلّ إلا بمتابعة النبي صلى الله عليه وسلم بل المتابعة شرط لصحة هذا العمل، الذي يرتضيه الله عزّ وجلّ، ويرتب عليه الجزاء، ومن ذلك يتأكد لنا أن المتابعة هي الشرط الوحيد، لحب الله عزّ وجلّ، فلا غرابة في ذلك، وكفى ذلك تشريفا لسنته صلى الله عليه وسلم وتعظيما لأمر متابعته، وقد فهم الصحابة رضى الله عنهم ذلك، فلم يألوا جهدا في متابعته صلى الله عليه وسلم في كل ما أمر ونهى، بل تجاوزت المتابعة الأمر والنهي، فشملت عاداته التي قد لا تتصل بالشرع، كما ذكرت ذلك في مواضع كثيرة.
يؤخذ من الآية الكريمة، أنه كلما كان الإنسان صادقا في حب الله عزّ وجلّ، كانت المتابعة عليه أسهل وأخف والعكس بالعكس.
إذا كان شرفا لك أن تحب الله عزّ وجلّ، فإن الله يكافئك على هذا الحب (إذا اتبعت) بما هو أعظم من حبك، ألا وهو أن يحبك الله، وشتان بين الأمرين، وكما قالوا: ليس الشأن أن تحب ولكن الشأن أن تحب، وهل في الوجود أعظم من أن يحبك الله عزّ وجلّ، وهل يعذب الله أحدا يحبه، فتأمل ما يترتب على هذه المتابعة. على وما يترتب على المخالفة الظاهرة والباطنة.
كما أن الناس يختلفون في متابعة النبي صلى الله عليه وسلم فكذلك يختلف حب الله لهم، فكلما قوي الاتباع قوى الحب، وكلما ضعف الاتباع ضعف الحب؛ لأن القاعدة:
(أنه إذا ارتبط الحكم بوصف معين، قوى الحكم كلما قوى الوصف) ، وهذا كثير في القرآن