يفعلونه. قال: فاذهبى فانظري، فذهبت فنظرت، فلم تر من حاجتها شيئا. فقال: لو كانت كذلك ما جامعتها (?) .
: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ:
قال الحافظ ابن كثير- رحمه الله-: (أي مهما أمركم به فافعلوه ومهما نهاكم عنه فاجتنبوه، فإنه إنما يأمركم بخير وإنما ينهى عن شر) (?) ، ونقل القرطبي عن المهدوي أنه قال في تفسير الآية: (هذا يوجب أن كل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أمر من الله- تعالى.، والآية وإن كانت في الغنائم فجميع أوامره صلى الله عليه وسلم ونواهيه دخل فيها) (?) ، وقال الشيخ السعدي- رحمه الله-:
(وهذا شامل لأصول الدين وفروعه، ظاهره وباطنه، وأن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم يتعين على العباد الأخذ به واتباعه، ولا تحل مخالفته، وأن نص الرسول صلى الله عليه وسلم على حكم الشيء كنص الله- تعالى.، لا رخصة لأحد ولا عذر له في تركه، ولا يجوز تقديم قول أحد على قوله صلى الله عليه وسلم) (?) .
الأصل في أوامر النبي صلى الله عليه وسلم الوجوب، إلا ما دل دليل على أن الأمر فيه للاستحباب، كما أن الأصل في نهي النبي صلى الله عليه وسلم التحريم إلا ما دل الدليل على أن النهي فيه للكراهة، ودليله أن أوامر الله- سبحانه وتعالى- في القرآن للوجوب والآية تقول: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ.
الزعم بأن اتباع أوامر ونواهي القرآن فحسب، واعتقاد البعض أن القرآن يكفيهم هو ضلال، وردّ للقرآن الذي أمرنا صراحة بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما أمر ونهى، ولولا أن النبي صلى الله عليه وسلم طاعة مستقلة، وأنه صلى الله عليه وسلم يأمر وينهى بأمور لم يرد ذكرها في القرآن، ما كان لهذه الآية الكريمة من معنى، ويؤكد ذلك ما رواه البخاري: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «دعوني ما تركتكم؛ إنّما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» (?) .